لماذا مسألة العمر تهمنا؟ خلال الخمسين سنة الماضية اختارت النساء في دول الغرب تأخير الإنجاب. ومع تزايد حقوق المرأة وتوفير المزيد من الفرص للنساء، اختارت النساء وبشكل متزايد تأجيل الزواج والإنجاب في مقابل التطلعات التعليمية والمهنية العالية. وفي العشرين سنه الماضية بدأنا نشهد اتجاها مماثلا لهذا التغير في دول الشرق الأوسط وبعض الدول النامية.
المزيد والمزيد من النساء انشغلن بدراسة الجامعات والدراسات العليا ففي المملكة العربية السعودية حوالي٦٠% من طلبة الجامعات هم من النساء. والكثير منهن اتجهن الى مجال العمل في الطب والمحاسبة والقانون والذي كان مقتصر على الرجال في السابق. كل هذه التغييرات الاجتماعية جعلت حياة النساء أكثر انشغالا وسيطرة على مصائرهن وقرارهن بتأخير سن الإنجاب وتضاؤل فكر وجوب وجود المرأة فقط لتتزوج وتنجب الأطفال وساعدها على هذا تنوع وسائل منع الحمل وايمانهن بأن التقنيات الحديثة ستساعدهن على الإنجاب متى ما أردن ذلك وخاصه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تبث الأخبار بولادات جديده بتقنيات أطفال الأنابيب مهما كانت الصعوبات. كل هذا أعطى شعور بالأمان للنساء بتأخير سن الحمل والإنجاب مع ضمان وجود الحلول.
يواجه الأطباء في عيادة العقم وتأخر الحمل كثير من النساء اللاتي قرأن أو سمعن عن نساء في الأربعينات والخمسينات من العمر يحتفلن بمولود جديد ويتساءلن ان كان هذا ممكن أن يحدث لهن. ومن واجب مقدموا الرعاية الصحية أن يشاركوا مرضاهم ويصححوا لهم الكثير من المفاهيم الطبية الخاطئة حول وسائل علاج تأخر الحمل. فالكلية الأمريكية لطب النساء والتوليد وضعت توصيات اللجنة بأن العمر هو عامل مهم التأثير على قدرة المرأة على الحمل وقد أدت التغيرات الاجتماعية إلى تأخير عمر الانجاب مما أدى الى زيادة نسبة تأخر الحمل الناتج عن تقدم العمر وزيادة نسبة خسارة الحمل. لذلك يجب على النساء بعد عمر ال٣٥ سنة البدء في البحث عن أسباب تأخر الحمل بعد مرور ست أشهر من الزواج في حال حدوث العمل التلقائي أو قبل ذلك ان دعت الحالة الصحية.
لماذا تقدم العمر يؤثر على فرص الإنجاب؟ هناك عدة عوامل من خلالها يؤثر تقدم العمر على خصوبة المرأة وهي كالآتي: الكمية: تولد المرأة وفي مبيضها ما يقارب المليون بيوض (البيوض هي الخلية التي تنمو إلى بويضة) وبالوصول إلى مرحلة البلوغ يتناقص عدد البيوض إلى ثلاثمائة ألف بيوض ويستمر عددها بالتناقص مع تقدم العمر إلى أن يصل إلى ما يقارب الخمس وعشرون ألف فقط بعمر ٣٧-٣٨ سنة.
الجودة: بما أن البويضات موجودة منذ ولادة المرأة فهي لا تقوم بتكوين بويضات جديدة مع تقدم العمر وبالعكس من ذلك فإن البويضات الموجودة تتناقص في العدد مع تقدم العمر وبالإضافة الى تناقصها فإن جودتها كذالك تقل وذلك لزيادة تفتيت الحمض النووي وزيادة نسبة انحطاط الكروموسومات (المادة الصبغية)
ففي الأونة الأخيرة أظهرت الكثير من الأبحاث أن الهياكل التي تفصل بين الكروموسومات خلال انقسام الخلايا قد تتأثر أيضا بتقدم العمر وتسمى هذه الهياكل ميكروتيبيول. وهذه الأنبوبه تقوم بسحب كل كروموسوم واحد على كل جانب من الخلية الفاصل. وعندما تعمل هذه الميكروتيبيول بشكل غير صحيح أو تكون معطوبة فأن انقسام الكروموسومات يكون غير صحيح وهذا من المرجح أن يكون السبب في زيادة شذوذ الكروموسومات في الأطفال الذين ولدوا لأمهات متقدمات في العمر.
كذلك تظهر بعض الدراسات الجديدة أيضا أن مجموعة من البروتينات تسمى Cohesinsمسؤولة في عقد الكروموسومات معا. وتشير هذه الدراسات إلى أن هذه Cohesinsقد ينخفض معدلها مع تقدم العمر.
ماذا بعد؟ ونحن نعرف الآن بانخفاض معدلات الخصوبة للمرأة مع التقدم في السن فإذا كنت فوق سن ال ٣٥ وترغبين في أن يكون لك أطفال فمن المهم أن تتحدثي مع الطبيب النسائي الخاص بك، طبيب العائلة أو الطبيب المختص بالعقم وتأخر الحمل.
احصلي على المعلومات التي تحتاجينها لمساعدتك في هذا الموضوع واسألي الطبيب عن أهم الفحوصات المناسبة لك. وكوني واقعية عن أهدافك وفرصك للنجاح.
خطوات بسيطة:
التحدث إلى طبيب نسائي، طبيب الأسرة أو طبيب مختص في العقم وتأخر الحمل. فحوصات بسيطة قد تكون مفيدة لك (انظر أدناه). تحدثي لزوجك بانفتاحيه. اعملي سجل خاص بك لدورتك الشهرية. اعملي سجل لأي أعراض مرضية. إذا كنتي قد حاولت الحمل لأكثر من 6 أشهر ولكن دون جدوى فينصح باستشارة طبيبك.
فحوصات بسيطة:
فحص هرمون FSHوهو عبارة عن تحليل دم يعمل في وقت مبكر من الدورة الشهرية ( اليوم ٣،٢ أو ٤ ) حيث أنه يساعد في تقييم “احتياطي المبيض” و يعتبر من أبسط وأنفع التحاليل لتقييم فرص حدوث الحمل.
تحليل السائل المنوي: ويعتبر من الفحوصات الذكرية الغير مؤذية وغير مكلفة ويتم من خلالها فحص الحيوانات المنوية تحت المجهر وتعود أهمية هذا التحليل لحقيقة أن ٢٠-٣٠% من حالات تأخر الحمل تعود إلى مشكلة ذكورية.
الأشعة الصبغية لتقييم قناتي فالوب، وهي فحص باستخدام التصوير الاشعاعي للتأكد من سلوك قناتي فالوب من عدمها حيث أن مشاكل قناتي فالوب وانسدادها قد يكون مسئول عن ٢٠-٢٥% من حالات تأخر الحمل (قد يكون هذا الفحص غير مريح ويصاحبه بعض الآلام البسيطة وقد يستغرق اجراؤه العشر دقائق).
التصوير المائي باستخدام الأشعة فوق الصوتية لتقييم جدار وتجويف الرحم والمبايض.
بعمل هذه الأربع فحوصات المذكورة أعلاه قد نصل الى التشخيص بما يعادل ٨٠-٩٠% من حالات تأخر الحمل إذا كنت قلقة بشأن عمرك وإمكانية حدوث الحمل وكنتي تعيشين في المملكة العربية السعودية أو في أي مكان في المنطقة لا تترددي في رؤية أي من أخصائي الخصوبة الذي ساعد في كتابة هذا المقال
